بنين تحول الذاكرة التاريخية إلى قوة ناعمة عبر دبلوماسية الجوازات

تحرير: أفريكا آي

قد لا يعرف كثير من الأميركيين موقع بنين على خريطة غرب أفريقيا، لكن الرئيس البنيني باتريس تالون عازم على تغيير ذلك. فبدل أن تبقى بلاده في الظل مقارنة بوجهات سياحية أفريقية شهيرة مثل غانا أو غامبيا، قرر تالون أن يجعل من التراث والهوية أداة دبلوماسية واقتصادية.

في شهر يوليوز الماضي، منح تالون المخرج الأميركي الشهير سبايك لي وزوجته تونيا لويس لي صفة “سفراء الشتات الأفريقي” في الولايات المتحدة، بعدما اكتشف لي أن جذوره تعود إلى الكاميرون وسيراليون. وعلى خطى غانا، تسعى بنين إلى ربط أحفاد الأفارقة الذين هجروا عبر الأطلسي بأرض أجدادهم.

وفي خطوة رمزية لافتة، عرض تالون خلال زيارته للبرازيل على الرئيس لولا دا سيلفا الحصول على الجنسية البنينية قائلا: “من الآن فصاعدا، يا سيادة الرئيس، أنت بنيني!”. ومنذ 2023، شرعت كوتونو في منح الجنسية لأحفاد الأفارقة الراغبين في استعادة جذورهم.

لم يعد التراث في بنين مجرد ذاكرة للماضي، بل أصبح أداة سياسية واقتصادية. فالبلاد تعمل على ترميم أربعة متاحف كبرى، بينها “المتحف الدولي للذاكرة والعبودية” في ويدا و”متحف الفودون” في بورتو نوفو، وتطور مسارات سياحية تقوم على الرمزية التاريخية مثل طريق العبيد وبوابة اللاعودة.

كما يحظى دين الفودون بمكانة محورية، إذ استضافت ويدا في يناير المنصرم أكبر مهرجان للفودون في العالم بمشاركة أكثر من 435 ألف شخص، ليجعل من الطقوس المقدسة تجربة ثقافية حية تستقطب الأفارقة وأحفادهم من الشتات.

وقد شهدت كوتونو حدثا استثنائيا في الشهر الماضي ايضا، تم خلاله منح جوازات سفر بنينية لعدد من النجوم الأميركيين، بينهم المغنية العالمية سيارا، وسيدة الأعمال بوزوما سانت جون، والممثلة ميغالين إشيكونووكي.

ويتجاوز هذا التكريم البعد الرمزي ليشكل أداة دبلوماسية واقتصادية تعزز صورة بنين كدولة منفتحة على الشتات وتستثمر في روابط الذاكرة المشتركة.

يتعدى الرهان البينيني بعده الثقافي إلى استراتيجية اقتصادية واضحة: تطوير “السياحة التذكارية” وجذب استثمارات جديدة وتحسين صورة البلاد على الصعيد الدولي. وتطمح الحكومة إلى رفع مساهمة السياحة في الناتج المحلي الإجمالي من 6% حاليا إلى 13.4% بحلول 2030، واستقطاب مليوني زائر سنويا و كذلك خلق آلاف فرص العمل.