الموسيقى في إريتريا: دور ثقافي في مسيرة الاستقلال وبناء الهوية الوطنية

تحرير: سليم الراشدي

شكلت الموسيقى الإريترية أداة مركزية في تعزيز الهوية الوطنية ودعم جهود شعب إريتريا على مدى ثلاثة عقود من النضال من أجل الاستقلال عن إثيوبيا بين 1961 و1991، حيث لعبت دورا محوريا في التوعية السياسية، وبناء التماسك الاجتماعي، وتحفيز روح الصمود بين المواطنين . استخدمت أغاني جبهة التحرير الإريترية والفرق الفنية التابعة لها، منذ تأسيس الفرقة الفنية عام 1974، كوسيلة للتثقيف وبث روح المقاومة، مترافقة مع المسرحيات الوطنية التي عكست معاناة الشعب، ما ساهم في رفع المعنويات وتوحيد الشعب حول هدف مشترك.

اعتمد الفنانون الإريتريون في أعمالهم على المزج بين الإيقاعات الشعبية والألحان الحماسية، مستلهمين من التراث الموسيقي المحلي، بما في ذلك استخدام المقامات الخماسية مثل التيزيتا والباتي، إلى جانب الآلات التقليدية مثل الكرار، الوانتا، والطبل، ما أعطى أغانيهم طابعا شرق أفريقيا فريدا. وساهمت هذه الأعمال في استقطاب الشباب، من الجنسين، للانخراط في جهود بناء الهوية الوطنية والمشاركة الفاعلة في الحياة العامة، كما كانت الأغاني والأناشيد وسيلة لإيصال الرسائل المشفرة حول التحدي والأمل والوحدة، متخفية أحيانا في شكل أغان شعبية لتفادي الرقابة.

توسعت الموسيقى الإريترية بعد الاستقلال عام 1993 لتعكس مختلف جوانب الحياة الوطنية، من الفخر بالإنجازات الوطنية إلى التعبير عن الاحتجاج وأغاني الحب والاحتفال بالحياة، متصلة بخلفية تاريخية تتقاطع فيها السياسة والثقافة. وأكد الباحثون أن تجربة الفنانين الإريتريين، الذين طوروا فنهم في ظل قيود الاحتلال والانقسامات السياسية، أسهمت في صوغ خطاب ثقافي متكامل يعكس تطلعات الأمة الجديدة، ويستمر تأثيره في تشكيل الوعي الجمعي وتعزيز الوحدة الوطنية، متجاوزا مرحلة النضال المباشر ليصبح جزء من الإرث الثقافي والفني لإريتريا المعاصرة.

واتساب تابع آخر الأخبار على واتساب تليجرام تابع آخر الأخبار على تليجرام أخبار جوجل تابع آخر الأخبار على جوجل نيوز نبض تابع آخر الأخبار على نبض