الصومال: مجاعة وشيكة في بلد ينهكه النزاع والجفاف وتراجع المساعدات

تحرير : أفريكا أي

يشهد الصومال واحدة من اصعب ازماته الانسانية منذ عقود، بعدما اعلنت الهيئة الوطنية لادارة الكوارث ان ما يقارب 4,4 ملايين شخص يواجهون انعداما حادا في الامن الغذائي، في ظل تضافر عوامل طبيعية وبشرية معقدة، تشمل موجات الجفاف والفيضانات المتكررة، واستمرار النزاعات المسلحة، وانحسار المساعدات الدولية. هذا التداخل الكارثي جعل البلاد تقف على اعتاب مجاعة وشيكة تهدد حياة الملايين.

الاطفال يمثلون الجانب الاكثر مأساوية في هذه الصورة القاتمة، اذ تشير التقديرات الى ان نحو 1,7 مليون طفل دون الخامسة يعانون من سوء تغذية حاد، بينهم ما يزيد عن 466 الفا في وضع حرج يتطلب تدخلا عاجلا. هذه الاعداد الضخمة تكشف عن جيل كامل مهدد بفقدان ابسط مقومات الحياة، الامر الذي ينذر بآثار اجتماعية واقتصادية طويلة المدى، تتجاوز حدود الازمة الراهنة.

البعد المناخي يزيد من تعقيد الموقف، حيث تعرضت الصومال خلال السنوات الخمس الاخيرة لموجة جفاف هي الاشد منذ اربعة عقود، اعقبتها فيضانات مدمرة لم يشهد البلد مثيلها منذ عقود طويلة. هذا التناقض المناخي المتطرف ضرب استقرار المجتمعات المحلية التي تعاني اصلا من ضعف البنية التحتية وانعدام القدرة على الصمود، مما جعل البيئة نفسها تتحول الى تهديد وجودي يقوض الامن الغذائي ويعمق الهشاشة الانسانية.

في المقابل، يواصل النزاع المسلح الذي تقوده حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة فرض ضغوط اضافية على الوضع الامني والانسان. فقد ادت المعارك الاخيرة في جنوب البلاد، خاصة في ولاية جوبالاند، الى نزوح اكثر من 38 الف شخص داخليا، اضافة الى عبور ما يزيد على عشرة الاف آخرين نحو كينيا بحثا عن الامان. هذه التحركات القسرية للسكان لم تقتصر على تعميق الازمة الانسانية فحسب، بل عرقلت ايضا وصول المساعدات الانسانية الى المناطق المنكوبة.

تراجع الدعم الدولي القى بظلال ثقيلة على جهود الاستجابة. فالولايات المتحدة، التي كانت المانح الاكبر، خفضت مساعداتها بشكل ملحوظ هذا العام، ما فتح فجوة خطيرة في التمويل الانساني. وقد حذرت منظمات دولية، على رأسها “انقذوا الاطفال”، من ان نقص التمويل سيجبرها على اغلاق مراكز اساسية للتغذية والرعاية الصحية، وهو ما يهدد حياة عشرات الآلاف من الاسر الاكثر هشاشة.

الصومال يقف اليوم امام منعطف حاسم، حيث تتشابك الازمات المناخية مع النزاعات المسلحة وتراجع الدعم الخارجي لتشكل خليطا كارثيا يدفع الملايين نحو حافة المجاعة. ومع غياب حلول جذرية وفعالة، يجد الصوماليون انفسهم في مواجهة واقع انساني قاس يختزل معاناة بلد ينهكه العنف وتطحنه الكوارث الطبيعية، بينما يتقلص الاهتمام الدولي يوما بعد يوم.

واتساب تابع آخر الأخبار على واتساب تليجرام تابع آخر الأخبار على تليجرام أخبار جوجل تابع آخر الأخبار على جوجل نيوز نبض تابع آخر الأخبار على نبض