أفريقيا تسابق الزمن لضمان الكهرباء للجميع

تحرير: صفاء فتحي

أعلن وزير الكهرباء الجنوب أفريقي كغوسينتشو راموكغوبا أن البلاد تقترب من إنهاء أزمة انقطاع الكهرباء المتكرر، التي أثرت على النمو الاقتصادي لأكبر اقتصاد أفريقي. ورغم هذا الإعلان، تكشف الأزمة عن تحديات بنيوية في الشبكة الكهربائية، التي تعتمد على محطات فحم قديمة وتواجه خللا تنظيميا مزمنا، إذ تنتج الشركة الحكومية “إسكوم” ثلث الكهرباء في القارة وتغذي 90% من جنوب أفريقيا. تمثل هذه الأزمة مثالا على حجم التحديات التي تواجهها أفريقيا في إيصال الكهرباء إلى نحو 600 مليون شخص، معظمهم في مناطق ريفية محرومة، حيث تعيق الانقطاعات المتكررة التنمية الاقتصادية، التعليم، والرعاية الصحية، في حين تسعى بعض دول المغرب العربي إلى تحقيق الوصول الشامل للطاقة.

تتطلب معالجة أزمة الكهرباء استثمارات ضخمة وإصلاحات شاملة للبنية التحتية، إذ يحتاج إيصال الكهرباء إلى 90 مليون شخص سنويا، أي ثلاثة أضعاف المعدل الحالي، مع خسائر نقل وتوزيع تصل إلى 20% في بعض الشبكات، مقارنة بخمسة بالمئة في الدول المتقدمة. كما تواجه القارة تحديات إضافية بسبب التقلبات العالمية في أسعار الوقود والتأثيرات الجيوسياسية، ما يعقد التخطيط للطاقة التقليدية ويعزز الاهتمام بالحلول المستدامة، بما فيها الطاقة الشمسية والرياح. وتسعى العديد من الدول إلى تعزيز دور الطاقة المتجددة، التي تمثل اليوم نحو نصف احتياجات القارة، مع وضع خطط طموحة للتحول إلى الطاقة النظيفة على المدى الطويل، مع الاعتراف بأهمية استمرار الاعتماد على مصادر أساسية لضمان الإمداد المستمر.

تتجه بعض دول شرق أفريقيا نحو الطاقة النووية كخيار طويل الأمد، إذ تعتزم أوغندا بناء محطة نووية بطاقة 2000 ميغاواط، بينما تخطط رواندا وكينيا لمفاعلات بحثية صغيرة. يبرز التحدي في التكلفة العالية، والحاجة إلى استقرار سياسي ودعم شعبي واسع، فيما تعد بعض الاتفاقيات مع القوى الخارجية أدوات لتعزيز النفوذ السياسي أكثر من كونها حلولا عملية للأزمة. يظل التحدي الرئيسي لأفريقيا تحقيق التوازن بين مصادر الطاقة التقليدية والمتجددة، وتوسيع الوصول إليها بشكل عادل، لضمان نمو اقتصادي مستدام وتحسين جودة حياة السكان، بما يعكس قدرة القارة على مواجهة تحديات الطاقة المعقدة في العقود المقبلة.