إفطار المطرية: مائدة الوحدة والتكافل في قلب القاهرة

تحرير: وداد وهبي

في مشهد استثنائي يعكس روح التكافل والكرم المصري، شهد حي المطرية بالقاهرة، يوم السبت 15 مارس ، إقامة أكبر مائدة إفطار جماعي في مصر، حيث اجتمع أكثر من 100 ألف صائم على 2500 طاولة امتدت عبر شوارع الحي، في تقليد سنوي بدأ عام 2013 واستمر حتى اليوم، باستثناء عامي 2020 و2021 بسبب جائحة كورونا.
بدأت هذه العادة السنوية في عام 2013، وظلت مستمرة كرمز للترابط بين أهالي المطرية، باستثناء عامي 2020 و2021 بسبب جائحة كورونا. خلال الأعوام الماضية، توسّع الحدث ليشمل الآلاف من المشاركين، حيث تجاوز عدد الحاضرين في عام 2025 حاجز الـ100 ألف صائم، اجتمعوا حول 2500 طاولة، ما يجعلها أطول مائدة إفطار في مصر.
يُقام هذا الإفطار بتمويل ذاتي من أهالي الحي، خاصة سكان “عزبة حمادة”، الذين يجتهدون في تنظيم الحدث بكل تفاصيله. تشارك في التحضير أكثر من 200 أسرة، حيث تتولى النساء إعداد وجبات ضخمة تضم أطنانًا من اللحوم والدواجن والأرز، بينما ينشغل الشباب في ترتيب الطاولات وتوزيع الوجبات على الصائمين.
شهد الإفطار في عام 2025 حضور شخصيات بارزة، مثل محافظ القاهرة إبراهيم صابر، ووزير الأوقاف أسامة الأزهري، ووزيرة التضامن الاجتماعي مايا مرسي، بالإضافة إلى شخصيات عامة أخرى، ما يؤكد أهمية الحدث كمظهر من مظاهر الوحدة الوطنية والتلاحم الاجتماعي.
لم يكن الإفطار مجرد مناسبة لتناول الطعام، بل تحول إلى مهرجان رمضاني بامتياز، حيث زُينت الشوارع بزينة رمضان التقليدية، وامتلأت الأجواء بالأناشيد الدينية والهتافات الداعمة للقضية الفلسطينية، مما أضفى بعدًا وطنيًا على الحدث. كما تضمن الإفطار عرضًا للأزياء التراثية نظمته مجموعة “ريسكي بويز”، وعروضًا فنية أبرزها رقصة التنورة، مما أضفى لمسة ثقافية مميزة على الأمسية.
لم يعد إفطار المطرية مجرد تجمع رمضاني، بل أصبح تقليدًا سنويًا يجسد القيم النبيلة للشعب المصري، ويؤكد أن التكافل والعطاء لا يزالان متأصلين في وجدان المجتمع. تبرز هذه المبادرة كنموذج للتآخي بين الأجيال، حيث يشارك الصغار قبل الكبار، وتجسد رسالة قوية مفادها أن رمضان في مصر ليس مجرد شهر للصيام، بل شهر للمحبة، والود، والتعاون.
يستمر إفطار المطرية في تأكيد مكانته كواحد من أكبر التجمعات الرمضانية في العالم الإسلامي، محققًا رسالته في نشر روح المحبة والتعاون. وفي كل عام، يعيد هذا الحدث الرمضاني إشعال جذوة الإنسانية والتآخي في نفوس سكان المطرية، ليبقى شاهدًا على قوة المجتمع المصري في الحفاظ على تقاليده الأصيلة.

شاهد أيضاً

مارين لوبان تزور تشاد لبحث مستقبل العلاقات الفرنسية الإفريقية

تحرير: عمر قادر وصلت النائبة الفرنسية مارين لوبان إلى تشاد، الجمعة 14 مارس، في زيارة …