تحرير: أفريكا أي
أعلنت مصر عن سلسلة من الاكتشافات الأثرية الهامة في منطقة الأقصر، حيث تم الكشف عن مقابر قديمة تعود إلى أكثر من 4,000 عام، إلى جانب اكتشافات تتعلق بعصر الملكة حتشبسوت، هذه الاكتشافات التي تمت خلال حفريات استمرت لمدة ثلاث سنوات في منطقة دير البحري، تضيف قيمة كبيرة إلى تراث المقابر التُيباوية، وتكشف عن كنوز تاريخية استثنائية.
تمكنت فرق التنقيب من كشف جزء من أساسات معبد الملكة حتشبسوت الجنائزي، وهو معلم بارز من عصر الأسرة الثامنة عشرة، بالإضافة إلى اكتشاف أعمال فنية محفوظة بشكل مذهل، تضم نقوشا بارزة ورسوما ملونة تظهر مشاهد من الطقوس الدينية التي نفذتها الملكة حتشبسوت وخليفتها تحتمس الثالث، وقد عبّر زاهي حواس، عالم الآثار الشهير الذي أشرف على الحفريات بالتعاون مع المجلس الأعلى للآثار، عن إعجابه الشديد بهذه الاكتشافات، معتبرا إياها من أجمل المشاهد التي رآها في حياته.
إلى جانب القطع الفنية، تم العثور على مقابر قديمة تعود إلى العهد الوسيط، تشمل مقابر كبار المسؤولين المنحوتة في الصخور، ويُعتقد أن إحدى هذه المقابر تعود إلى “مراقب القصر” للملكة تتيشيري، وهي إحدى الشخصيات البارزة في الأسرة السابعة عشرة التي كان لها دور محوري في طرد الهكسوس من مصر، هذه الاكتشافات تُعتبر ذات أهمية بالغة، إذ تساعد في فهم تركيبة النخبة السياسية والاجتماعية في مصر القديمة، كما كشفت الحفريات عن آبار دفن تحتوي على توابيت خشبية مزخرفة تحمل نقوشا من عصر الأسرة السابعة عشرة، وهي فترة كانت مصر فيها تخوض صراعا مريرا ضد الهكسوس، علاوة على ذلك، تم العثور على ألعاب أطفال في بعض المقابر، ما يضيف بعدا إنسانيا لهذه الاكتشافات ويكشف عن الحياة اليومية في تلك المجتمعات القديمة.
تأتي هذه الاكتشافات في وقت تسعى فيه مصر إلى تنشيط قطاع السياحة الذي يُعد أحد الأعمدة الأساسية للاقتصاد الوطني، وبعد سنوات من التحديات التي تلت ثورة 2011، بدأت مصر في جني ثمار مبادراتها الهادفة إلى استعادة الأمن والازدهار في هذا القطاع الحيوي، ففي العام الماضي استقبلت مصر نحو 15.7 مليون سائح، ويأمل المسؤولون في تجاوز حاجز الـ 18 مليون سائح هذا العام، من المتوقع أن تسهم الاكتشافات الأثرية الأخيرة في تعزيز معرفة العالم بتاريخ مصر القديم، كما ستشكل نقطة جذب مهمة للسياح الراغبين في اكتشاف كنوز البلاد التاريخية.
تكتسب هذه الاكتشافات أهمية خاصة لأنها تسلط الضوء على جوانب غير معروفة من تاريخ مصر القديمة، فمثلا يبرز اكتشاف القطع الأثرية المتعلقة بالملكة حتشبسوت ودورها في تاريخ مصر، إضافة إلى أهمية الأسرة السابعة عشرة التي شهدت استعادة مصر من الهكسوس، مما يعكس تأثير هذه الأسرات في تشكيل تاريخ البلاد. تسهم هذه الاكتشافات في تعزيز فهمنا للثروة الثقافية والدينية التي تميزت بها تلك الحقبة، لا سيما من خلال الأيقونات والقطع الطقسية المرتبطة بأهم الشخصيات في تاريخ الفراعنة، ومع استمرار الحفريات، من المتوقع أن تسهم هذه الاكتشافات في إثراء الأبحاث حول مصر القديمة وتعزيز مكانة مصر كوجهة سياحية أساسية.