حفل تدشين نادي ساحل العاج الأدبي

تحرير: كوني مامادي
سكرتير نادي ساحل العاج الأدبي، وطالب باحث ماجستير الأدب والنقد .

طالما تَرَجَّتْ ساحلُ العاج أن يكون لها منبرٌ ثقافيٌّ كغيرها من بلدان السودان الغربي، يكون من شأنه دفعُ عجلة الحركات الأدبية والنقدية إلى الأمام، تحديثا للتراث، وتطويرا للغة العربية وآدابها، غيرَ أنه لم ينهض بهذه المهمّة، ويتجرّد لها إلّا بعضٌ من الشُبّان المتخصّصين في الأدب ونقده، الذين أبوا إلا أن يكون لهذا البلد صرحُه الثقافي.

ومن هذا المنطلق، ما انفكّ هؤلاء الفتيان يبذلون النفس والنفيس، ويشمّرون عن ساعد الجد ليكون لهذا البلد صرحُه الأدبيُّ، بل ما وهنوا لما أصابهم في سبيل ذلك، وما ضعفوا، وما استكانوا.

ولمّا كان ذلك كذلك، شاء اللهُ أن ترى فكرةُ إنشاء نادٍ أدبيٍّ في ساحل العاج النور َ، يوم الأحد ١١ أغسطس ٢٠٢٤م، في مركز النشاط الثقافي لبلدية أبوبو، تحت رعايةٍ ساميةٍ من الشيخ مالك كوناتي، والأستاذ الفاضل عبد الله دوكوري، والشيخ عثمان واغي.

وقد حضر هذا الحدثَ التاريخيَّ العظيمَ -الذي استُهِلَّ بتلاوة آي من القرآن الكريم- جمعٌ غفيرٌ من أعلام اللغة العربية وآدابها في ساحل العاج، وعمالقة النقد والبلاغة، إضافةً إلى رؤساء المؤسّسات التعليميّة، والجمعيّات الدينية، والمنظّمات التعليمية، والاتّحادات الطلابيّة، فضلا عن الشعراء، والكتّاب، والباحثين، وطلّاب الجامعات.

وفي هذا السياق، قدّم معالي رئيس النادي الدكتور دمبيا كابو -حفظه الله ورعاه- هذا اللقاء بإهداء أسمى آيات الشكر والعرفان إلى كلّ الحاضرين، مسلّطاً الضّوءَ على طبيعة النادي، وأهدافه، ورسالته، ورؤيته، مبيّنا أبرزَ الحوافز المعنوية إلى تأسيسه، معبّرا في النهاية عن مدى سعادته به.

وبعد هذا كلّه، ألقى سعادة الدكتور خليل فاديغا في إطار هذا اللقاء الثقافي محاضرةً جميلةً عن الأدب العربي الأفريقي بين الواقع والمأمول، فأبلى فيها بلاء حسنا، لإماطته اللثام عن جميع جوانب الموضوع المقترح، انطلاقا من مفهوميّة الأدب الأفريقي، وتاريخيّته، ومرورا بأجناسه، وانتهاءً بخصائصه الفنية والموضوعية.

وذُيِّلَتْ هذه المحاضرةُ -التي راقتِ الحضورَ- بمداخلاتٍ نقديّةٍ ثريّةٍ وغنيّةٍ لبعضٍ من أساتذة الجامعات، وطلّاب الدراسات العليا، ناقشوا فيها معظمَ قضايا الأدب الإيفواري النقديّة، من أمثال الأستاذ الدكتور كوني صواليحو، عميد كلية اللغة العربية والعلوم الإنسانية في الجامعة الإسلامية بالنيجر، والدكتور شوقي إدريس، المتخصّص في اللسانيات العربية المقارنة والتطبيقية، والأستاذ كمارا سليمان، طالب دكتوراه تعليمية اللغة العربية للناطقين بغيرها في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، والأستاذ كوني مامادي سكرتير النادي، وطالب ماجستير الأدب والنقد في جامعة الملك سعود بالرياض…

وأعقب هذه المداخلاتِ العلميةَ خطابُ المشرف العام على النادي الأستاذ زيد غاساما، الذي أشار إلى أن هذا النادي سيكون مؤسسةً ثقافيةً معنيّةً بالأدب والثقافة، تُقيم الكثيرَ من المحاضرات والندوات وحفلات التكريم، إضافة إلى العديد من الأنشطة الثقافية والتربوية المختلفة، مبيّنا بذلك خطّةَ النادي المستقبليةَ.

وقبل هذا، ألقى معالي رئيس مجلس أمناء النادي الدكتور دمبيا سيكو، رئيس جامعة الثقافة الإسلامية بمدينة مان خطابا مفيدا، أهدى فيه جزيل الشكر والعرفان، ووافر التقدير والاحترام إلى الحضور كافة، كما عبّر عن سعادته بتأسيس هذا النادي، مشيرا إلى أهمية الدور الذي سيلعبه النادي مستقبلا في تطوير الأدب والنقد في هذا البلد.

واختُتِم هذا اللقاء بكلمة لممثِّل رئيس المجلس الأعلى لأئمة المساجد والشؤون الإسلامية في ساحل العاج الإمام عبد المؤمن واتارا، أشاد فيها بالنادي، ودعا له، وبارك لأعضائه هذه المبادرة الطيّبة، التي سيكون لها -في حسبانه- دورٌ عظيمٌ وفعّالٌ في إحياء الأدب الإيفواري المكتوب باللغة العربية.

وتُوِّجَ هذا اللقاء وذُيِّلَ-فضلا عن كلّ ما سبق- بتقديم سكرتير النادي، الأستاذ كوني مامادي، مع إدارة المسؤول الثقافي للنادي الأستاذ محمد سيلا، جرّيج الجامعة الإسلامية بالنيجر، كما تُخُلِّلَ بعرض قصائد شعراء النهضة الأدبية الإيفواريّة، الذين ملكوا ناصية البلاغة، وزمام الفصاحة في ساحل العاج، من أمثال ياسين كوليبالي، وعليّ غربا، ومحمود سيدبي وهلمّ جرّاً….

 

 

شاهد أيضاً

إفريقيا: مهد البشرية الباحثة عن السلام

تحرير : يوسف المساتي، باحث في التاريخ والتراث الثقافي إفريقيا ليست مجرد قارة جغرافية ضمن …