الأساليب الدبلوماسية لإيران من أجل نشر التشيع بإفريقيا وتشكيل التنظيمات المسلحة

تحرير: الدكتور خليد ربيع،

باحث في التنظيمات السلفية والشيعية بافريقيا.

تتمثل الأساليب الدبلوماسية لإيران في أسلوبين، وهي العلاقات الثنائية والمساعي الدبلوماسية وفتح السفارات والمراكز الثقافية.

 العلاقات الثنائية والمساعي الدبلوماسية:

بدأ التغلغل الإيراني بشكل فعلي بعد نجاح الثورة الإيرانية سنة 1979 وقد ركز المسؤولون الإيرانيون على مبدأي تصدير الثورة وولاية الفقيه بهدف تأسيس حكومة إسلامية عالمية، وعلى هذا الأساس، شهدت القارة الإفريقية جهودًا دؤوبة من قبل الوفود الإيرانية، انطلاقاً من فترة رئاسة الرئيس رفسنجاني، وافتُتِحت زياراته للقارة بزيارة إلى السودان في عام 1991، تلاها زيارات لجنوب أفريقيا، وزيمبابوي، ودول شرق أفريقيا وحوض النيل، مثل كينيا، وأوغندا، وتنزانيا.

وفي فترة رئاسة الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي (1997-2005)، شهدت العلاقة بين إيران والقارة تطورًا إيجابيًا، حيث تركزت على الجانب التجاري ورافقها انفتاح أكبر. وفي عام 2002، حصلت إيران على صفة مراقب في الاتحاد الإفريقي، وفي نهاية ولايته عام 2005، قام خاتمي بجولة في سبع دول إفريقية، بما في ذلك نيجيريا، والسنغال، وسيراليون، ومالي، وبنين، بالإضافة إلى أوغندا وزيمبابوي.

وفي عهد الرئيس أحمدي نجاد (2005-2013)، ظهرت أبعاد جديدة للاهتمام بالعلاقات مع إفريقيا، بخلاف البُعد التجاري، تمحورت حول الجوانب السياسية والأمنية، خاصة بعد فرض العقوبات الدولية على إيران. وتفسر زيارات نجاد الخمس إلى إفريقيا، التي شملت غانا والنيجر وبنين في غرب إفريقيا، بالسعي لتعزيز العلاقات والتعاون.

وفي فترة الرئيس حسن روحاني، ورغم عدم قيامه بزيارة شخصية إلى إفريقيا حتى الآن، فقد أرسل وزير خارجيته جواد ظريف لزيارة ثلاث مناطق إفريقية ابتداءً من شرق إفريقيا في عام 2014، ثم شمال إفريقيا في عام 2015، ثم غرب إفريقيا في عام 2016. ومن ثم زيارة السنغال وناميبيا في عام 2018، وفيما بعد قاد وزير الخارجية الجديد حسين أمير عبد اللهيان زيارات إلى مالي، وتنزانيا، وزنجبار في عام 2022، تلاها موريتانيا في عام 2023. يُظهر هذا التتابع من الزيارات رغبة النظام الإيراني في تعزيز علاقاته مع أكبر قدر من الدول الإفريقية([1]).

 فتح السفارات والمراكز الثقافية:

إلى جانب الزيارات المتبادلة بين قادة حكومات إيران المتعاقبة والحكومات الإفريقية، كانت هناك جهود أخرى تبدلها السفارات الإيرانية بملحقاتها الثقافية، حيث قامت إيران بتعزيز تواجدها الدبلوماسي في دول إفريقيا جنوب الصحراء من تسع إلى ثمانية عشرة سفارة، حيث جعلت هذه السفارات محاوراً لتعزيز الثقافة والإيديولوجيا الإيرانية، وأُنشئت في هذه السفارات مراكز ثقافية تديرها وزارة الثقافة والدعاية الإيرانية، والتي تعتبر الهيئة المسؤولة عن تسهيل انتشار ثقافة الثورة الإسلامية في دول أخرى([2])، فهي التي تسهر على نشر التشيع عبر نشر الصحف والكتب واختيار العناصر المؤيدة لإيران لتقديم الدعوات إليها لزيارتها في أعياد الثورة الإيرانية، ولما تشيع مجموعة من الأفارقة بواسطة هذه الدعايات، لعبت السفارة دورا كبيرا في دعمهم ماديا وتقديم المعلومات لهم، بل إنهم كانوا يجتمعون في أول الأمر داخل السفارة ويتلقون فيها الدروس التكوينية([3])، ففي البلدان الإفريقية، كان الدور الرئيسي للسفراء الإيرانيين يتمثل في إشرافهم الفعّال على عمليات التوظيف السياسي والعقائدي، وكان هدفهم الرئيسي هو جذب انتباه الشباب في هذه القارة، وتحويلهم نحو التبني الديني والإيديولوجي لصالح إيران([4]).

وبالفعل، نجحت البعثات الدبلوماسية الإيرانية في تحويل عدة شباب من التشيع المذهبي إلى التشيع السياسي في عدة دول أفريقية، بما في ذلك ساحل العاج، وسيراليون، وغينيا كوناكري، والسنغال، والسودان، والمغرب، وقد تفاقمت الأوضاع لاحقًا في نيجيريا ومالي، مما أضفى على الوضع طابعًا أكثر تعقيدًا([5]). ونتيجة لتمدد الخطر الشيعي في إفريقيا سارعت بعض الدول إلى غلق سفارات إيران في بلدانها كالمغرب والسودان والسنغال…

[1])  بدر حسن شافعي، الدور الإيراني في إفريقيا: المحددات والتحديات، منشورات المعهد المصري للدراسات، 2017، ص: 12

[2])  عمار جلو، مرجع سابق

[3])  عبد المهيمن كريم، جهود الرافضة في السنغال بين النجاح والفشل، منشور على الموقع الرسمي البيان، بتاريخ 26 يونيو 2013، 11/07/2022 على الساعة 10:17

https://www.albayan.co.uk/article2.aspx?ID=2921

[4])  عمار جلو، مرجع سابق

[5])  بدر حسن شافعي، مرجع سابق، ص: 12

شاهد أيضاً

رحيل نعيمة سميح.. أيقونة الطرب المغربي

تحرير : أفريكا أي فقدت الساحة الفنية المغربية صباح الجمعة، الفنانة المعتزلة نعيمة سميح عن …